برعاية الرئيس السوري.. المنتدى الاستثماري السعودي – السوري يبدأ أعماله في دمشق

رعى فخامة رئيس الجمهورية العربية السورية أحمد الشرع، اليوم، أعمال المنتدى الاستثماري السعودي – السوري، في العاصمة دمشق، بحضور عددٍ من أصحاب المعالي الوزراء والمسؤولين في البلدين الشقيقين.
وألقى معالي وزير الاستثمار المهندس خالد بن عبدالعزيز الفالح، كلمة المنتدى الافتتاحية، عبَّر فيها عن شكره لما أحاطت به سوريا العزيزة، والمسؤولين فيها، وشعبها الكريم، من مشاعر الود والاحتفاء والكرم، منذ الوصول إلى أرض دمشق الحبيبة.
ونقل معاليه تحيات خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين، -حفظهما الله-، وأملهما لسوريا وشعبها كل خير وأمان ونماء.
وأكَّد معالي وزير الاستثمار، أن توجيه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظه الله-، بالتوجّه إلى سوريا، في هذا الوفد، الذي يضُم ممثلين عن القطاعين الحكومي والخاص من المملكة العربية السعودية، يأتي تأكيدًا لموقف المملكة الراسخ والداعم لسوريا الشقيقة في مسيرتها المباركة نحو النمو والازدهار الاقتصادي، والتنمية الشاملة المستدامة.
وقال: “نحن في هذا المنتدى، لا نعمل على بناء جسورٍ جديدة، أو تطوير علاقات حديثةٍ بين بلدينا، لأن العلاقات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، الوثيقة والمتبادلة والمتكاملة، جمعت بينهما منذ أزمنةٍ بعيدة، حين كانت جزيرة العرب وبلاد الشام حلقتين مهمتين تربطان التجارة العالمية من خلال طرق الحرير والبهارات والبخور، الممتدة من شرق العالم إلى غربه، ثم جاء الإسلام، قبل خمسة عشر قرنًا؛ ليُضيف بقيمه السامية، وعقيدته السمحة، عمقًا روحانيًا، وفكريًا، وثقافيًا، أبعد وأشمل لعلاقةٍ ظلت تنمو وتزدهر لقرون، وستستمر، -بإذن الله- على مر الزمن”.
وأضاف: “وفي العقود الماضية، ظلت المملكة العربية السعودية وسوريا وجهين لعملةٍ اجتماعية واقتصادية وسياسيةٍ واحدة، فبينما مثَّلت سوريا مركزًا مفضلًا لأبناء الأسر السعودية، من العُقيلات، التي امتهنت التجارة، ظلت المملكة العربية السعودية مأرِزًا لكل سوريٍ حرٍّ أبيّ، ولذلك فإن لقاء صاحب السمو الملكي، الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء، بفخامتكم، في شهري فبراير ومايو الماضيين، إنما أتى على هذه الخلفية التاريخية والإنسانية؛ ليُعززها ويفتح أمامها أبوابًا أوسع، ومجالاتٍ واعدةٍ لاستشراف المستقبل، والبناء باتجاهه في تكاتفٍ وتكامل بين بلدينا وحكومتينا وشعبينا، بما في ذلك مؤسسات القطاع الخاص السعودي، وهذا ينقلنا إلى دلالات هذه الزيارة، التي تعكس حرص المملكة العربية السعودية على تنمية علاقاتها مع سوريا، في شطرها الاقتصادي والاستثماري”.
وأفاد معالي وزير الاستثمار أن هذا المنتدى يحضر فيه من المملكة العربية السعودية، أكثر من 20 جهةً حكومية، وأكثر من 100 من شركات القطاع الخاص الرائدة، وتستثمر دوليًا في قطاعاتٍ عديدة منها: الطاقة، والصناعة، والبنية التحتية والعقارات، والخدمات المالية، والصحة، والزراعة، والاتصالات وتقنية المعلومات، والمقاولات، وغيرها.
وأضاف “سنشهد في هذا المنتدى، 47 اتفاقية، بقيمة إجمالية تقارب 24 مليار ريال، تشمل المجالات العقارية، والبنية التحتية، والمالية، والاتصالات وتقنية المعلومات، والطاقة، والصناعة، والسياحة، والتجارة والاستثمار ، والصحة، وغيرها”.
وأكد معاليه أن انعقاد هذا المنتدى يُجسّد الإيمان الراسخ بأن القطاع الخاص شريكٌ رئيسٌ في تحقيق الأهداف المشتركة بين البلدين، وتشجيع المستثمرين، السعوديين والدوليين، على استكشاف الفرص الاستثمارية في هذا البلد، والإسهام في مشروعاته الإستراتيجية، بما يحقق المنفعة المتبادلة، في عددٍ من القطاعات الحيوية.
وأوضح أن في قطاع البنية التحتية والتطوير العقاري سيتم، توقيع عددٍ من الاتفاقيات بقيمة إجمالية تتجاوز 11 مليار ريال، منها، إنشاء أكثر من ثلاثة مصانع جديدة للإسمنت، لمستثمرين سعوديين؛ بهدف تأمين المواد الأساس اللازمة للبناء، وتعزيز الاكتفاء الذاتي في هذا المجال الحيوي.
وفيما يتعلق بقطاع الاتصالات أفاد معالي الفالح، أن هذا المنتدى شهد انطلاق التعاون بين وزارة الاتصالات والتقنية السورية والشركات التقنية السورية، من جهة، ونخبة من الشركات السعودية الرائدة مثل: عِلم، وشركة الاتصالات السعودية، وشركة قو للاتصالات، وسايفر، وشركة كلاسيرا وغيرها؛ بهدف تطوير البنية التحتية الرقمية، وتعزيز قدرات الأمن السيبراني، وبناء منظومات متقدمة في مجالات الذكاء الاصطناعي، ومراكز البيانات، وأكاديميات تعليمية، وتقدر الاتفاقيات، في هذا المجال بقيمة إجمالية تقارب 4 مليارات ريال.
وعدّ القطاع الزراعي في سوريا، زاخرًا بإمكانات واعدة في مجالات الزراعة الحديثة، وإنتاج الحبوب، والمنتجات العضوية، وسلاسل الإمداد الغذائي، متطلعًا إلى العمل، مع الجانب السوري، لتطوير مشروعاتٍ نوعية مشتركة، منها المزارع النموذجية، والصناعات التحويلية، إضافة إلى التبادل المعرفي والتقني.
وتناول معاليه خلال كلمته قطاع الخدمات المالية والتحويل، الذي سيشهد اليوم، توقيع مذكرة تفاهم بين شركة مجموعة تداول السعودية، وسوق دمشق للأوراق المالية؛ تهدف إلى تعزيز التعاون المشترك في مجالاتٍ التقنيات المالية، والإدراج المزدوج، وتبادل البيانات، وإطلاق صناديق استثمارية وتحويلية سيكون لها أثر تحفيزي للاستثمار في سوريا.
وأشاد معالي وزير الاستثمار بالدور الإيجابي والفاعل الذي ينهض به أكثر من (2600) من رواد الأعمال السوريين في المملكة، لافتًا الانتباه إلى أن رصيد الاستثمارات المباشرة للمستثمرين السوريين في المملكة وصل إلى ما يقارب (10) مليارات ريال، وسيكون لهم دورٌ كبيرٌ في بناء سوريا الجديدة واقتصادها المتنامي، مشيرًا إلى أن شركةُ “بيت الإباء”، ستوقّع اتفاقية مليارية لبناء مشروعٍ سكنيٍ تجاريٍ متميزٍ في مدينة حمص، عادًا هذه الشركة ومثيلاتها، نموذجًا يُقتدى به للتكامل بين رأس المال السعودي والخبرة المحلية السورية؛ لتحقيق أهداف اجتماعيةٍ وتجارية مستدامة.
وقال: “إن هذه الأرقام ليست إلا البداية، ولا تُمثل ما نطمح إليه، فإن علينا أن نعمل معًا، وبشكلٍ وثيقٍ ومتكامل؛ لتعزيز هذه الأرقام وتنميتها لتعكس جهود بلدينا الرامية لبناء مستقبلٍ أفضل لشعبينا الشقيقين”.
و أشاد معالي الفالح بالخطوات الإيجابية التي اتخذتها الحكومة السورية؛ لتحسين مناخ الاستثمار، وعلى رأسها تعديل قانون الاستثمار في 24 يونيو 2025م، الذي جاء ليمنح المستثمرين مزيدًا من الضمانات والحوافز، ويُسهم في تسهيل الإجراءات وتعزيز الشفافية.
وفي خطوةٍ تعكس حرص المملكة على تطوير الاستثمارات في سوريا، أوضح معالي وزير الاستثمار، أنه تم تأسيس مجلس أعمال سعودي سوري، يضم نخبة من رجال الأعمال، برئاسة محمد أبو نيّان؛ بهدف دفع عجلة التعاون الاقتصادي، وتفعيل الشراكات بين مؤسسات القطاع الخاص في البلدين، وتعزيز حضور الاستثمارات السعودية في السوق السورية الواعدة.
وأكد الفالح، أن ما يشهده هذا المنتدى، من اهتمام وحضور الشركات السعودية، الرائدة والناجحة في مجالاتها الاستثمارية المتنوعة، وما شعرنا به من الجميع في سوريا الشقيقة، من حماسٍ وتفاعلٍ وتجاوب، على الصُّعُد كافة، وما أسفر عنه هذا المنتدى من اتفاقياتٍ، شملت العديد من المجالات النوعية والحيوية، وما توّج كل ذلك مما لمسناه من فخامتكم، ومن سائر المسؤولين في سوريا الشقيقة، من التزامٍ بدعم تنامي مسيرة العلاقات السعودية السورية، عمومًا، والاقتصادية والاستثمارية منها على وجه الخصوص، إنما هي مبشّراتٌ وبوادر تؤكّد أن مسيرة التعاون والتكامل، التي نشهد انطلاقتها اليوم، ليست إلا البداية التي تحمل في طياتها -بإذن الله- مُستقبلًا عامرًا بالخير والنماء والازدهار، لبلدينا وشعبينا، في جميع المجالات والقطاعات، في ظل توجيه ودعم قيادتي البلدين، وهذا يدفعنا إلى أن نتطلع بكل ثقةٍ إلى المزيد والمزيد من مثل هذه الخطوات والاستثمارات النوعية في المستقبل القريب -إن شاء الله-.