في غضون 15 دقيقة .. هكذا تدمر ضربة الشمس الجسم تدريجياً !
مع ارتفاع درجات الحرارة في الكثير من الأنحاء، حذر الخبراء من مخاطر ضربة الشمس القاتلة، والتي يمكن أن تبدأ في التطور بعد 10 دقائق فقط من الجلوس في الهواء الطلق في العديد من البلدان، بحسب ما نشرته “ديلي ميل” البريطانية.
ويدق خبراء الأرصاد الجوية ناقوس الخطر حيث من المقرر أن تواجه مناطق مختلفة من العالم موجات حر “خطيرة” ومؤشرات حرارة تزيد عن 40 درجة مئوية.
ويعد الحر الشديد بالفعل القاتل الرئيسي المرتبط بالطقس في العديد من مناطق العالم، ما دفع المسؤولين إلى تحذير الملايين في مناطق موجات الحر من أخذ مناخ الأيام القليلة القادمة “على محمل الجد”، أو المخاطرة بأن يتعرضوا لخطر الوفاة.
بحد أقصى 37.8 درجة مئوية
يتمتع جسم الإنسان بنافذة درجة حرارة ضيقة يمكنه من خلالها القيام بوظائف حيوية، تتراوح تقريبا بين 37 و37.8 درجة مئوية.
فقد كشف الخبراء أن “سلسلة الأحداث” المؤدية إلى ضربة الشمس تبدأ في غضون ثوانٍ من التعرض للحرارة المرتفعة، أي التي تزيد عن أكثر من 32 درجة مئوية، بما يشمل التعرق وسرعة ضربات القلب والجفاف.
وفي غضون خمس إلى 10 دقائق فقط، تؤثر درجات الحرارة المرتفعة على وصول الدم إلى الأعضاء الحيوية مثل الدماغ، ما يؤدي إلى شعور بالارتباك والدوار والإغماء.
فيما لا يستغرق الأمر سوى 15 دقيقة حتى يدخل الجسم في ضربة الشمس بشكل كامل و”فقدان كامل لوظيفة الجسم”.
وأوضح تقرير “ديلي ميل” الحصري ما يحدث بالتفصيل في جسم الشخص العادي من اللحظة التي يخرج فيها إلى الحرارة الشديدة، كما يلي:
في الدقيقة الأولى
بمجرد أن يخرج الشخص وتسطع أشعة الشمس على الجلد المكشوف، من المرجح أن يبدأ في التعرق على الفور. والتعرق هو طريقة الجسم لتبريد نفسه.
وعندما يستشعر الجسم درجات الحرارة المرتفعة، فإن منطقة تحت المهاد، وهي الجزء من الدماغ الذي ينظم درجة الحرارة، تخبر الغدد الموجودة على الجلد بإفراز العرق.
بدوره قال دكتور زاكاري شلادر، أستاذ في قسم علم الحركة في جامعة إنديانا، إنها استجابة طبيعية تمامًا”، مشيراً إلى أن “التعرق جيد في هذه الحالة”.
والعرق هو عبارة عن سائل يتكون في الغالب من الماء ولكنه يحتوي على كميات صغيرة من الملح المرطب، يزيل الحرارة من الجسم ويبردها أثناء تبخره على الجلد.
ولكن يمكن أن يؤدي ارتفاع مستويات الرطوبة في الجو إلى جعل من الصعب على العرق أن يبرد الجسم، وبالتالي فإن البقاء في درجات حرارة عالية للغاية يؤدي إلى فقدان المزيد من السوائل أكثر مما يستطيع الجسم مواكبته.
الدقيقة الثانية
في حالات الحرارة الشديدة، يمكن أن يتبخر العرق من الجلد في دقيقتين فقط، حيث لا يستطيع الجسم إنتاج ما يكفي من العرق لتبريد الجسم في الوقت المناسب.
وفي محاولة لمواكبة ذلك، يبدأ الجسم عملية تسمى توسع الأوعية الدموية، حيث تنفتح الأوعية الدموية ويزداد تدفق الدم إلى الجلد.
من جانبها قالت دكتورة كريستي زيونتز، رئيسة ومديرة قسم الطوارئ بمركز طبي في نيوجيرسي، إن الجسم يبدأ في إعادة توزيع الدم من أماكن مختلفة في محاولة لتبريد الجسم”.
ويمكن أن يؤدي ذلك إلى إطالة التعرق لبضع دقائق إضافية، وبعدئذ يتوقف التعرق عادةً.
من 5 إلى 10 دقائق
وأضافت زيونتز أن “نبض القلب بعدئذ يبدأ في التسارع في غضون خمس دقائق”، شارحة أن زيادة سرعة النبض تكون بسبب اتجاه تدفق الدم بعيدًا عن الأعضاء الحيوية الأخرى مثل القلب، فينخفض ضغط الدم، ويضطر القلب إلى ضخ الدم بقوة أكبر، لأن أعضاء حيوية أخرى لا يصلها الدم بكميات كافية مثل المخ.
ومع خروج الدم من المخ للتدفق باتجاه الجلد، يمكن أن يعاني الشخص، الذي يكون في طريقه إلى الإصابة بضربة الشمس، من أعراض مثل الدوخة والارتباك وربما يكون عرضة للإغماء.
وتسمى عملية سحب الدم بعيدًا عن الأعضاء الحيوية بانقباض الأوعية الدموية. وقالت دكتورة شلادر: “يُعتقد أن انقباض الأوعية الدموية هذا هو أحد المحفزات، التي تبدأ في النهاية سلسلة من الأعراض التي قد تتحول إلى ضربة شمس”.
كما أشارت إلى تقلصات الحرارة، التي تحدث بسبب فقدان الجسم للكثير من الماء من خلال التعرق، قائلة: “في سياق تلك التطورات، يحدث فقدان الماء المالح والجفاف في آن واحد”.
من 10 إلى 15 دقيقة
ووفقاً للمراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، فإن ضربة الشمس تبدأ بعد 10 إلى 15 دقيقة، ما لم تتخذ خطوات حيوية مثل شرب الماء والشوارد مثل المشروبات الرياضية، والحد من التعرض المباشر لأشعة الشمس، وتجنب الأنشطة الشاقة مثل ممارسة الرياضة.
ويساعد الماء والمشروبات الرياضية على تجديد السوائل المفقودة من التعرق، في حين أن حجب أشعة الشمس يمكن أن يحد من حروق الشمس، التي تحدث بسبب ارتفاع درجة حرارة الجسم والتي تؤدي إلى حرق الجلد.
لكن إذا وجد الشخص نفسه بدون ماء أو منطقة مظللة، في هذه المرحلة، فإن دكتور شلادر يوضح أن الدم والأكسجين يمكن أن ينسحبا بعيدًا عن الأمعاء، مما يجعلها أكثر نفاذية أو عرضة للخطر.
ويمكن أن تتسرب السموم والبكتيريا التي تبقى عادة في الأمعاء وتدخل مجرى الدم. يتم عند تلك النقطة تنشيط خلايا الدم البيضاء ومع مهاجمة خلايا الدم البيضاء للتلوث، تتشكل جلطات الدم، مما يزيد بسرعة من خطر فشل الأعضاء المتعددة.
لكن نوه كلا الطبيبين إلى أن هذا التفاعل الشديد يحدث عادة بهذه السرعة في ظروف شديدة وبين الفئات الأكثر عرضة للخطر مثل الأطفال وكبار السن.
ويقارن دكتور زيونتز التأثيرات بالسكتة الدماغية، والتي يمكن أن تؤدي إلى الكلام غير الواضح، وعدم القدرة على تحريك الأطراف والخدر وفقدان القدرة على الرؤية والصداع الشديد.
أكثر من 30 دقيقة
وقال دكتور زيونتز إنه يحدث “فقدان كامل لوظيفة الجسم”. في هذه المرحلة، التي تصل فيها درجة حرارة الجسم الداخلية إلى حوالي 41.1 درجة مئوية.
يقارن دكتور شلادر سلسلة التداعيات التي يشهدها الجسم بحالات الإنتان، وهو رد فعل مبالغ فيه من الجسم تجاه العدوى يمكن أن يؤدي إلى فشل الأعضاء بالكامل.
وأشار الأطباء إلى أنه من الصعب تحديد الترتيب الذي تتوقف به الأعضاء عن العمل، ولكن في هذه المرحلة، يعد طلب الرعاية الطارئة أمرًا ضروريًا لوقف المزيد من التدهور والانهيار وتقليل الضرر على المدى البعيد.
كما يمكن أن يعاني الشخص في تلك المرحلة من انحلال الربيدات، وهو انهيار العضلات وموتها المحتمل. ووفقًا للمراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، عندما تموت أنسجة العضلات، يتم إطلاق الإلكتروليتات والبروتينات في مجرى الدم، ما يتسبب في عدم انتظام ضربات القلب والنوبات وتلف الكلى.
وقال دكتور غاريد روس، طبيب طب الطوارئ في ساوث كارولينا، إنه “بالإضافة إلى ذلك، يمكن للحرارة أن تتسبب في انهيار أغشية الخلايا وإطلاق البوتاسيوم في مجرى الدم”، مشيرًا إلى أنه “يمكن أن تتداخل مستويات البوتاسيوم العالية مع الإشارات الكهربائية في القلب وحتى تسبب السكتة القلبية والوفاة”.
إسعافات أولية عاجلة
إذا كان الشخص الذي يعاني من ضربة شمس على وشك الحصول على رعاية طارئة، يبدأ الأطباء على الفور في العمل على تبريده. قال دكتور زيونتز: “يتم التعامل مع جميع الأنظمة عندما يتم تبريد الجلد، لذا يتم استخدام الأغطية المبردة، ويتم حقن محلول ملحي عادي في الوريد لخفض درجة حرارة الجسم”، مضيفاً أنه يتم “وضع أكياس الثلج في مناطق رئيسية من الجسم مثل الإبطين والفخذ، والتي تشبه مراكز الخدمة الكبيرة لكمية كبيرة من الدم.
وفي الحالات الأكثر تدهورًا، يمكن أن يتم وضع قسطرة في المثانة لتبريدها بهذه الطريقة.”
تقدر دكتورة زيونتز أن الأمر يستغرق حوالي يوم أو يومين في المستشفى حتى يتعافى المريض، قائلة: “لا ينبغي أن تكون إقامة المستشفى طويلة جدًا.”
الآثار طويلة المدى
أوضحت دكتورة زيونتز: “يجب ألا تكون هناك عيوب أو عجز دائم من ضربة الشمس. يجب أن تكون قابلة للتعافي”. ولكن رجحت بعض الدراسات الحديثة أن النجاة من ضربة الشمس يمكن أن يكون لها آثار طويلة المدى.
أشارت مراجعة علمية، نُشرت العام الماضي في دورية Open Access Emergency Medicine، إلى أن الناجين من ضربات الشمس يمكن أن يصبحوا عرضة للإصابة بأمراض القلب والكلى المزمنة في وقت لاحق من الحياة، وهو ما يمكن أن ” يؤدي إلى احتمال التعرض للوفاة بشكل مستمر”.
ضعف إدراكي وحركي
ربطت أبحاث إضافية أيضًا ضربة الشمس بالضعف الإدراكي والحركي طويل المدى، حتى في المرضى الصغار الأصحاء. كما ذكر موقع كليفلاند كلينك أن التعرض لضربة شمس مرة واحدة يزيد من خطر الإصابة بها مرة أخرى. وأشارت إحدى الدراسات، التي أجريت على فئران المختبر في عام 2020، إلى أن السبب ربما يرجع ضعف المناعة لدى المرضى.
تجنب ضربات الشمس
ولمنع الإصابة بضربة الشمس، توصي دكتورة زيونتز ببقاء الشخص رطبًا بالماء والمشروبات الرياضية، خاصة إذا كان يشرب أيضًا الكافيين، الذي له خصائص مدرة للبول.
كما نصحت بالانتباه عن كثب للأدوية التي يتناولها الشخص، حيث يمكن لبعض الأدوية مثل مضادات الاكتئاب أن تمنع عمليات التبريد الطبيعية مثل التعرق، قائلة: “يجب المواظبة على متابعة نشرات أحوال الطقس واتخاذ الاحتياطات والتخطيط وفقًا لقواعد الحماية من الشمس والظل”.